الطب النفسي للأطفال والمراهقين هو فرع من فروع الطب الذي يتعامل مع الصعوبات النمائية والعقلية والإدراكية والأكاديمية والاجتماعية للأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 0-18 سنة. يعمل الطب النفسي للأطفال والمراهقين، الذي لديه مجموعة واسعة جدًا من المهام، على ضمان النمو الصحي منذ الولادة وحتى نهاية مرحلة المراهقة وتشخيص الاضطرابات الموجودة وعلاجها.
يدخل الطفل منذ ولادته في عدد من فترات النمو، ويتبع النمو البدني والعقلي والاجتماعي تسلسلاً وزمنًا معينًا. وإلى جانب مراحل نمو الدماغ، يمر الطفل بالعديد من المراحل الجسدية والسلوكية والعقلية. تعد مشاكل النمو من أكثر المشاكل التي يواجهها الطب النفسي للأطفال والمراهقين شيوعًا في فترة ما قبل المدرسة. ويعد التأخر في النطق بشكل خاص من أكثر المشاكل شيوعًا في هذه الفترة. التأخر في النطق مقارنةً بأقرانه، والتأخر في طلاقة الكلام ومحتواه هي أكثر المشاكل النمائية التي تجذب انتباه الأسر. قد يكون هذا التأخر في الكلام لدى الطفل المصاب بتأخر النطق انعكاسًا لتأخر خفيف في النمو، أو قد يكون أول علامة على وجود اضطراب نمائي عصبي مهم مثل التوحد. بالإضافة إلى التأخر في الكلام، فإن أهم الأعراض التي تجعلنا نشتبه في الإصابة بالتوحد هي أن الطفل لا يتواصل بالعينين، ولا يتفاعل على الفور عند مناداتك باسمه، ويبدو أنه يعيش في عالمه الخاص، ولا يبدي اهتمامًا بأقرانه والأشخاص الآخرين، ويقوم بحركات متكررة مثل رفرفة اليدين أو رفرفة الأجنحة. في حالة وجود مثل هذه الشكوك، من المهم للغاية أن يستشير الطفل الطبيب دون تأخير، لإجراء التقييمات اللازمة والبدء في العلاج في وقت مبكر في حالة التشخيص.
في بعض الأحيان قد تتقدم الأسر إلى الطبيب لأنهم يشتكون من أن أطفالهم عنيدون جدًا وغير مطيعين ويثيرون نوبات غضب عندما لا يريدون ذلك، خاصة بعد سن 1.5-2 سنوات. وفقًا لتطور أدمغة الأطفال بعد سن 1.5-2 سنوات، قد يكون الأطفال في هذه الفترة أكثر عنادًا وصعوبة في التعامل معهم بسبب تطور الفردية والانفصال عن الأم والتمييز والسيطرة على أجسامهم. في هذه الحالات، من المهم للغاية أن يكون الوالدان أو مقدمو الرعاية على دراية بنمو الطفل وإرشادهم حول ما يمكنهم فعله في أوقات الأزمات. يمكن للوالدين الذين يعرفون كيفية السيطرة على الموقف إدارة هذه الفترة براحة أكبر والاستمتاع بمشاهدة نمو أطفالهم.
في فترات رياض الأطفال والمدرسة الابتدائية، من المتوقع أن يكون الأطفال قادرين على الالتزام بقواعد اجتماعية معينة، ومن المتوقع أن يبدأ شعورهم بالمسؤولية بالتطور التدريجي، ومن المتوقع أن يبدأوا في إنجاز مهارات مثل أداء الواجبات المنزلية. خلال هذه الفترة، قد يعاني الأطفال من أعراض مثل عدم القدرة على الاستماع إلى الدروس، وعدم القدرة على الجلوس بهدوء، والملل بسرعة أثناء أداء الواجبات المنزلية. بالإضافة إلى ذلك، قد تصاحب هذه الفترة صعوبات سلوكية مثل عدم القدرة على الحفاظ على الصداقات وإيذاء أصدقائهم. قد يحتاج الأطفال إلى تقييم اضطرابات مثل تشتت الانتباه والحركة والاندفاع خلال هذه الفترة.
إحدى المشاكل الشائعة التي تواجهها الأسر والأطفال في بداية المدرسة هي صعوبة الانفصال عن الأم والأب. يعتبر من الطبيعي أن يواجه الطفل الذي ينمو بشكل طبيعي صعوبة لمدة شهر تقريبًا بعد بدء المدرسة، وأن يرغب في أن تكون والدته معه، وأن يكون قلقًا وحتى يبكي عند دخول الفصل الدراسي. ومع ذلك، مع مرور الوقت، من المتوقع أن يتكيف الطفل مع هذه الصعوبة ويستمر في الذهاب إلى المدرسة وتكوين صداقات. إذا كان الطفل يعاني من صعوبة في إظهار هذه المهارات، فيجب أن يتم تقييمه من قبل الطبيب.
قد يكون لدى بعض الأطفال من الناحية الهيكلية مزاج أكثر قلقاً من غيرهم، فهناك أطفال أكثر حذراً ويتوقفون ويفكرون قبل القيام بشيء ما، ويمكن قبول ذلك كميزة مزاجية. ومع ذلك، ليس من الطبيعي أن يكون الطفل في قلق مستمر، وأن يشعر كما لو أنه سيتعرض للأذى من البيئة المحيطة به في أي لحظة، وأن يقلق بشأن المستقبل، وأن يبدو قلقاً ومضطرباً، وأن يواجه صعوبة في النوم ليلاً وفي الحفاظ على النوم. يجب تقييمهم بالتأكيد من حيث اضطرابات القلق. بعض الأطفال مصابون بالوسواس. قد تتطور لديهم سلوكيات الوسواس مثل غسل أيديهم 5 مرات، أو فحص حقيبتهم عدة مرات، أو المرور من الباب مرة أخرى بعد المرور من خلاله أو التحقق مما فعلوه بشكل متكرر. إذا كانت الوساوس تعطل وقت الطفل وطاقته ووظائفه، فيجب اعتبارها اضطراباً ويجب استشارة الطبيب.
في سن 6-7 سنوات وما بعدها، تبدأ التشنجات اللاإرادية في الظهور بشكل متكرر لدى الأطفال؛ قد لا تمثل التشنجات اللاإرادية الخفيفة والعرضية مشكلة للطفل، ولكن إذا كانت شديدة بما يكفي لتعطيل انسجام الطفل والتأثير على وظائفه، فلا ينبغي أن يكون الوقت متأخراً للعلاج.
فترة المراهقة هي الفترة التي يتخلى فيها الطفل تدريجياً عن خصائصه الطفولية السابقة، ويخضع لإعادة هيكلة سريعة للدماغ، وهي فترة مهمة جداً في دخول مرحلة البلوغ. خلال هذه الفترة، يتغير الأطفال عقلياً وسلوكياً وجسدياً أيضاً. يبدأون في اختبار مشاعرهم بشكل أكثر حدة ويواجهون صعوبة في السيطرة عليها. يدخلون فترة يكونون فيها فرداً منفصلاً ويجب أن يطوروا هويتهم. قد يكون من الصعب على الآباء والأمهات التعود على هذا المراهق الجديد؛ فقد يلاحظون أن أطفالهم الصغار المسيطرين والمطيعين يصبحون متمردين ويريدون أن يكونوا بمفردهم ويبتعدون عنهم. في الواقع، هذه فترة يمر فيها الطفل بالعديد من التغييرات بسبب إعادة هيكلة الدماغ وعلى الأسرة أن تكون مستعدة لهذه التغييرات. قد ترغب الأمهات والآباء في الخضوع لجلسة تقييم ومعلومات مع أطفالهم لمعرفة ما يجب عليهم فعله خلال هذه الفترة.
هناك أيضاً حالات يجب أخذها بجدية أكبر خلال سنوات الطفولة والمراهقة. وهي الأمراض التي يتغير فيها سلوك الطفل أو المراهق وكلامه ومظهره بشكل ملحوظ. بالنسبة للأطفال الأصغر سناً، تشير الأعراض مثل فقدان المعرفة والمهارات المكتسبة مع مرور الوقت، وانخفاض محتوى كلام الطفل، وعدم قدرة الطفل على فهم ما يقال له، وسلوك الطفل غير المنضبط، وخروج الطفل من المنزل دون وعي، وما إلى ذلك، إلى وجود أمراض عصبية ونفسية خطيرة ويجب إدخال هؤلاء الأطفال إلى المستشفى وعلاجهم في العيادة. كما أن حالات مثل أن يصبح الطفل في مرحلة المراهقة منعزلاً تمامًا، وعدم الاهتمام بالنظافة، والتصرف كما لو كان يشك في شيء ما باستمرار، وعدم النوم ليلاً، ورفض تناول الطعام، كل ذلك يجعلنا نشك في وجود أمراض نفسية خطيرة.
كما يمكن أن نرى، فإن الطب النفسي للأطفال والمراهقين لديه مجموعة واسعة جدًا من المشاكل وقد يكون من الضروري استشارة الطب النفسي للأطفال والمراهقين في العديد من الحالات غير تلك المذكورة أعلاه. يجب أن يتم تقييم الفئة العمرية للأطفال والمراهقين بشكل مختلف عن البالغين بسبب خصائص نموهم ويجب أن يتم التقييم من قبل أطباء متخصصين في هذا المجال. يتم إجراء التقييم النفسي للأطفال والمراهقين عن طريق المعلومات التي يتم الحصول عليها من الطفل والأسرة والمعلمين، والفحص النفسي للطفل وتطبيق عدد من الاختبارات والفحوصات اللازمة. بعد التقييم، يتم رسم خارطة طريق للطفل والمراهق وإبلاغ الطفل والأسرة. واعتماداً على حالة الطفل وخصائصه، قد يشمل العلاج الأدوية والعلاج النفسي وبرامج إعادة التأهيل النفسي والعلاج المهني، وعند الضرورة تطبيق تقنيات أحدث مثل وحدة العلاج النفسي النفسي التكميلي. تتم متابعة الأطفال والمراهقين الذين يتم إدراجهم في البرنامج العلاجي ويتم إجراء مقابلات معهم على فترات منتظمة.
إذا تم الكشف عن وجود صعوبة لدى الطفل الذي يتم تقييمه بالتفصيل، يمكن للطفل مواصلة حياته/حياتها دون أن يواجه صعوبات وتدهور في نجاح الدورة والتحكم في السلوك والتكيف الاجتماعي ودون الإضرار بثقته بنفسه واحترامه للتدخلات والبرامج العلاجية.